لمّا كان النغم كالكلام، ينقسم لألسنٍ ولغاتٍ ولهجات، منه الفصيح والدارج، الأصيل والهجين، المدروس والعفويّ، الصادق والمدّعي، تعدّدت ذائقة الناس فيه بتعدّد أذواقهم لسائر الفنون.
على أنّ الرغبة من بعض فئات المجتمع في أمّتنا من احتكار الذائقة، و احتقار مَن ارتأوا فيه شخصاً دون معرفتهم، رغبت هذه الفئات المُستعلِية في توجيه ذائقة الأمّة وتعليبها وتقديمها جاهزةً للناس كفعلهم بسائر مناحي الحياة من شؤون الحكم والتعليم والاقتصاد والطعام والشراب واللباس وحتّى الحبّ.
انقسمت هذه الفئات المستعلية إلى فئاتٍ تتحدّث عن هذا التعليب باسم الدين تارةً والوطنيّة تارةً و الثقافة تارة، و إنّي لأرى أنّ كلّ هذا تعدّد أوجهٍ رغبةٍ في الاستحواذ والسيطرة والاستقواء على الناس.
وبعدُ فإنّ الكلام بعد ما سبق لن يتعدّى الحديث عن الذائقة النغميّة، خلا ما يؤول به الكلام بالتمثيل و المقارنة مع حالٍ آخر من أحوال فنٍّ آخر أو منحىً آخر من مناحي الحياة.
وستكون الكتابة في خواطر، لا فصليّةً ولا بحثيّةً ولن يُستخدم فيها الأسلوب العلميّ المدرسيّ، لكن سيُعتبر فيها بالأمانة العلميّة و الاستدلال بالتوثيق ما استطعت لهذا سبيلا.